حتة مزيكا من جوه

Sunday, October 04, 2009

تأملات


تجلس القرفصاء على ارضيه حجرتها..تحاول عبثا ان تركز فى نقطة وهمية محددة..تعرف انها لا تريد اكثر من اضاعه الوقت فلقد علمت انها ستمر بتلك المرحله عاجلا ام اجلا لذا استعدت قبل ان يأتيها اليقينتركز اكثر فى البقع الضوئيه التى تظهر وتختفى وتعود مجددا ...احمر ..اصفر..فسفورى...ابيض تماما...شيئا فشيئا تتلاشى تلك السخافات التى ملأت رأسها فى الآونة الأخيرة...تحاول التركيز اكثر فلا جدوى من الانسياق خلف فقاعات الهواء الفارغه فمصيرها الى التبخر حينما تصل الى مستوى معين من الارتقاء لاعلى....جائها رنين الهاتف ليقطع عليها اندماجها...تمنت ان يكون الزمن الذى انفلت من بين يديها دون ان تشعر...علّه اراد تعويضها عما فاتها او ان يعقد معها هدنه..لم تنتبه الا عندما انقطع الرنين فأغلقت الهاتف دون ان يساورها فضول لتعرف من...هى بحاجة الى الاسترخاء الشديد,لا اصوات ,لا كلمات,لا حركة اطلاقا...سئمت تقديم المبررات لعقول مريضه تتخد من كل ماهو تلقائى وبرئ دليل ادانة..سئمت من الاشفاق على نفوس معقدة لا ترى غير احتياجها لاشباع عقد نقصها...لا تريد سوى ان تعتزل كل ماهو مسبب للقلق والاضطراب فلم تعتد يوما على كل ذلك الصخب الذى ملأ حياتها فجأة بعد ان كان اكثر مايريحها هو ان تتأمل السماء فترة فتصبح جزءً منها ...لا تدرى لما تذكرت سعادتها بخلوتها قديما الآن ولا تعرف متى بدأ الهروب منها والبحث عن مرفأ يريحها من نفسها...لكن تذكر انه فى البدء كانت تؤلمها وحدتها فى حضرته وانشغاله عنها بمقالاته واصدقائه واصلاح المروحه و التحدث عن الانتخابات والاحوال السيئه للمنطقه واحوال مصر التى لا تحتاج لمؤلف او قارئ فالكل يعرف مصيرها والكل لا يأبه لذلك...وفى النهايه استكانت لتلك الوحده وبدأت تبحث عنه لتعتاد عليها معه واحبت ذلك الصمت الطويل الذى لم تكن تقطعه سوى المشاجرات على اتفه الاسباب...ياله من احمق اذ انتظر منها عطاءً بعد كل ما هدمه داخلها !!!احمر..اصفر ...فسفورى...ابيض تماما...اهدئى تماما... انتهى كل شئ ..نفس عميق..شهيق..زفير...نعم هكذا .. اخرجيه ببطء...شعرت بدوار..لن تستسلم لهذه الافكار الخزعبليه بعد الآن...تتمرن على التخلص من الجنون..وكانت اول خطوة تدمير كل شئ حتى تتخلص من جنون العودة...تركت العشوائيه توأد حبها كما ولدته..لم يكن عليها سوى ترك كل شئ ليدمر نفسه بنفسه...وانهت كل ذلك الالم الذى سمحت له ان يسببه لها ...لم تعد تؤلمها نظراته الشارده عنها ولا تجاهله اياها ولم تعد تأبه ان لم يسأل عنها يوما يومين او شهرا...لم تتسائل كيف تخلصت من كل ذلك الحزن بكل تلك البساطة وبعد كل ذلك الصبر ..لم تندهش كيف تحول كل ذلك المرار الى ابتسامه صافيه ومسامحه عند الوداع....تعتقد الان انها اخذت نصيبها من الحزن كاملا منذ ان عرفته ولم يبق لها اى طاقه لتحزن ...ومادامت العبرة بالنهايات فلا داعى للتركيز فى التفاصيل فقط ترك كل شئ يمر بسلام وتلخيص ذلك الدرس فى ضرورة الاحتفاظ برصيد كاف من الابتسامات وكبسولات السعادة دون اسباب يكفيها ما اكتسبت من خبرة فى التعامل مع الالم وكيفيه مداوته...تشكره الان على كل ذلك الالم فقد خلصها من كل حنين قادم لا محاله...علّمها الاّ تنتظره ...علمها ان تسامح نفسها فهى احق بذلك منه...بعد كل شئ علمت ان هناك اشياء لا تطلب هى بالكاد تدرك....داهمها عقلها كالعادة وذكرها بأن كل شئ انتهى فعلا ولا تحتاج الان الا ان تهدأ كما يهدأ الماء داخل كوب او كما تستقر ريشه فوق سطح المكتب ..تريد لكل تلك الاضطرابات ان تثبت كما يثبت البندول بعد جيئه وذهاب....وماعليها الا ان تفرغ قلبها من كل ذلك الرمل والملح..وان تنسى كل اوهامها المرتبطه بوجوده....ان تريح نفسها من عذاب انتظاره وهو بجوارها بعد ان صفعت كل الابواب خلفه...اين البقع؟؟ لا بقع؟! حسنا..حان وقت الاسترخاء الحقيقى والالتحام بالذات... لا عليها الان سوى ان ترجع رأسها للخلف وتشكر شجرة الفل هذه التى لم يأت اوانها لتهديها اياه-ولن يأت-على كل مافعلته فى حياتها وان تترك رائحتها تغمر ثناياها ..ثناياها بمفردها بلا نيه الرجوع لرائحه القهوة والسهر والكلمات المتقاطعه...وتجميع ذرات الرمال لبناء قصرها المتهدم شكلا ومضمونا...هناك فقط رائحه النور والشمس وراحه البال.....تاركه نفسها لالحان عزفها قلبها منفردا بما اعطاه الله من قدرة على الاستمتاع بكل مايشعر دون ادنى ندم على ما اعطى وسوف يعطى...مالت برأسها للخلف وقررت ان تسلم رأسها لاحلامها فليس هناك من يستحق ان تنتازل عن نفسها لأجله ....مالت للخلف وقبل ان تغمض عينها ظهرت البقع ثانيه ..لا ليست بقع ولا اطياف ..انها نقطة حقيقيه ...اعتدلت فى جلستها..نعم انها هى ..لا احمر ..لا اصفر..لا فسفورى..فقط ابيض, ابيض تماما....الان فقط تستطيع ان تتركه يرحل من ذاكرتها بهدوء ...يرحل الى الابد.