حتة مزيكا من جوه

Thursday, November 27, 2008

ريش


ضغطت على مقبض الباب,دخلت حجرتى .أضأت المصباح..عبثت بأشيائى الساكنة على المكتب منذ ان تركتها صباحا..القيت حقيبتى على الارض واتجهت عينى نحو الكتب ..وخطر ببالى انى لم اقم بفعلتى المحببه ولم اعيد ترتيب واحصاء كتبى منذ فترة طويله وحينما التفت الى كم الجرائد القديمة واعداد مجله العربى التى فى تزايد مستمر ,ادركت انى على مشارف المعاناة من صعوبه التحرك داخل حجرتى المعمورة حتى انى لن استطيع تسلق الحائط ان اردت فإلى الآن امتلأ جانبان من الحائط بصور مجهوله واعلانات وقصاصات ورق مهمه وتافهة ومواعيد افلام وحفلات وبرامجى المفضله (لمقاومة الزهايمر) وصورة عبد الناصر الكبيرة وعبد الرحمن الابنودى وبوسترات محمد منير وقررت انى سأعيد تنسيق شخصيتى المبعثرة وتنظيم فلسفتى العبثيه فيما بعد واقسمت ان ذهابى الى الحمام هو اخر مشوار سأقوم به اليوم
"افتحى اوضتك ديه ورتبيها بدل ماهيا زى مقلب الزباله كدة"..مرت لحظة تجاهل اقرب الى الوقاحه عدت الى حجرتى واكملت ماراثون التجاهل العظيم وقررت انى ساتهى هذا اليوم الان..سألقى رجرجه المترو من رأسى والفظ معاناتى اليوميه ذات الطابع الجرنالى وانام..واذا بى اجد شخصا يمد لى بجريدة اخبار الادب ويطلب منى قراءة قصيدته الجديدة ..رفعت عينى اليه فإذا به ابراهيم اصلان!..لكن انا معلوماتى ان ابراهيم اصلان كاتب قصه قصيرة وروايات ..حسنا, ولم يبد على اهتمام ووضعتها جانبا ,فنظر الى بامتعاض وذهب يشكو معاملتى التنكه لعم نجيب فرد عم نجيب: ماتخدش فى بالك انا اشهدلك بالكفاءة ,انا قريت قصتك الاخيرة وعجبتنى مصريتك جدا ,خلاص انا كتبتلك تزكيه التفرغ لمده سنه , فابتسم اصلان متشفيا وكأن تلك التزكيه هى ما ستعوضه عن معاملتى التنكه وانصرف..كان العم نجيب جالسا وتحلقنا نحن حوله وكنا فى ذلك الوقت بين الخريف والشتاء وكان ذلك لقائنا الاسبوعى فى مقهى ريش كى نلتقى مع بقيه "الشلل" الاخرى
واكمل العم نجيب حديثه الذى كانت قد قطعته شكوى اصلان, وقال: اصل يا درويش البورصه ديه علم مش فهلوة ..فاقتحم مهدى الشحات ,والذى اعتدنا وجوده بيننا ولا نعرف عنه سوى انه سأم ازعاج العسس وتتبع المخبرين له بالرغم من ان منتهى احلامه محل بقاله ! وقال: الواحد يا اخى بقا عنده حاله لا مبالاة لا تقولى بورصه ولا مؤشر طلع ولا اتخسف بيه الارض حتى ,شوف انا عندى كام سنة ولحد دلوقتى معرفش مصر اشتراكيه ولا رأسمالية ولا شيوعيه ولا معرفش ايه.
وهنا فجر منصور تاجر الجمله ضحكة دوت فى المقهى ورد قائلا: اشتراكيه ايه وبورصه مين انتا نايم على ودانك ياعم انتا ..احنا معندناش الكلام الفارغ ده ..احنا ماشيين بالبركة , واشار لرافعى وقال : هات واحد بيرة بالبركه هنا لعمك مهدى يا واد يا رافعى وانتظر رافعى ان يؤكد عليه مهدى ان يحضر البيرة لكن مهدى ظل ينظر اليهم محرجا ولم يرد, فقال رافعى: ايه ياعم مهدى اجيب البيرة ولا امشيها فودكا اشتراكى ,وغرقوا فى الضحك ,فتلعثم صاحبنا وغمغم بكلام غير مفهوم وعلى وجهه بلاهة من تحلق حوله غرباء,ونزل عودة الساحة وشاركهم: لاء نزل طقم مارتينى ليبرالى على حسابى يا رافعى وكان لابد للعم نجيب ان يتدخل قبل ان يتصاعد الاشتباك ويتدخل افراد الامن المركزى لفضه بعصاهم الصماء وارجلهم العمياء,وقال: ماتدخلوش لبعض قافيه يا ولاد, وخاطب سلماوى: ايه يا سلماوى مش هتيجى تهزأ مهدى معانا ..فرد سلماوى مجاملا: وشك للحيط وقفاك ليا يا مهدى , وهنا مر انيس من امام المقهى وخاطب رافعى: محتاجين نغير واجهه المقهى وازاله الارفف القديمة وابدال المقاعد الخشيبه بمقاعد حديديه واشار اليه ان يحمل الكتب الى داخل القهوة ولصق اعلان الندوة وصور مبانى وسط البلد على زجاج الباب الجانبى ..ولما كان مهدى مازال محرجا ,قام شلبى وجلس الى جانبه مواسيا له وانتقلنا الى سرد النكات وسط هذا الجو من الود والصداقه وقبل ان ننصرف اتفقنا على ان لقائنا الجمعه المقبله فى مقهى الفيشاوى حيث ان الابداع لن يتم دون الشيشه وانصرفنا وعدت لمنزلى مشياً مستسلمة لنفحات امسيتى تلك التى لن تتكرر ماحييت حينها ادركت ان العم نجيب لن يمت ابداً.